لماذا يُعد التثاؤب معدياً؟
طارق حمدية _العرب نيوز اللندنية
كشفت الدراسات العلمية أن التثاؤب ليس مجرد دليل على النعاس أو الملل، بل قد يكون وسيلة للتواصل بين الأفراد. فمجرد رؤية شخص يتثاءب أو سماع صوت التثاؤب يمكن أن يدفع الآخرين إلى التثاؤب تلقائياً، في ظاهرة تُعرف بـ”عدوى التثاؤب”. هذه الظاهرة لا تقتصر على البشر فحسب، بل لوحظت أيضاً لدى بعض الحيوانات.
وفقاً للطبيب النفسي تشارلز سويت، المستشار الطبي في “لينير هيلث”، فإن الخلايا العصبية المرآتية تلعب دوراً رئيسياً في هذه الظاهرة. هذه الخلايا تنشط عند ملاحظة أفعال الآخرين، مما يفسر جزئياً انتقال الرغبة في التثاؤب من شخص إلى آخر.
وأشارت دراسة حديثة إلى أن مشاهدة الآخرين أثناء التثاؤب قد تعزز قدرة الفرد على اكتشاف التهديدات المحيطة، مما يدعم فكرة أن التثاؤب المعدي قد يكون آلية جماعية لزيادة اليقظة.
كما تُطرح نظريات أخرى تربط التثاؤب المعدي بتنسيق السلوكيات الجماعية، حيث يساعد في تنظيم الإيقاع اليومي للأنشطة. فعندما يتثاءب عدة أفراد في الوقت نفسه، قد يؤدي ذلك إلى تزامن نشاطهم، مما يعزز الترابط بينهم.
وفي دراسة أُجريت على الأسود الأفريقية البرية، تبيّن أن الأسود التي “التقطت” عدوى التثاؤب كانت أكثر عرضة لتقليد حركات غيرها بمعدل 11 مرة مقارنة بتلك التي لم تتثاءب.
لكن ليس الجميع يتأثر بالتثاؤب المعدي بنفس الدرجة؛ إذ تتراوح نسبة الأشخاص الذين يتثاءبون عند رؤية غيرهم يفعلون ذلك بين 40% و60%. كما أظهرت أبحاث أن الاستجابة لهذه العدوى قد ترتبط بمستوى التعاطف، حيث يميل الأشخاص الأكثر تعاطفاً إلى التأثر بها، بينما يقل هذا التأثير لدى من يتمتعون بسمات سيكوباتية مثل البرود العاطفي والأنانية.
ويختتم الدكتور سويت بالقول: “التثاؤب المعدي لا يرتبط بالتعب بقدر ما يعكس الترابط الاجتماعي. إنها طريقة الدماغ اللاواعية للتواصل مع المحيطين، سواء كانوا بشراً أو حتى حيوانات أليفة”.
عدد المشاهدات: 1